الموتُ عدادٌ على الأرقامِ
يقضي مفاجئةً على الأحلامِ
أرقامُهُ أعمارُنا قد سُجِّلت
ساعاتُها في دفترِ الأيامِ
يأتي فيُشعلُ في النفوسِ أنينَها
ويُشقُ فيها نهرَ حزنٍ دامِي
يسطو على الآمالِ يُسكِتُ صوتَها
يُفني جموعَ النَّاسِ والأقوامِ
الموتُ محكمةٌ مضَى استئنافُها
رُفِعَت هُنالك جلسةُ الأحكامِ
فيها الشهودُ تَقَيَّدوا بسكوتِهم
قد ألجمَتْهُم صفعةُ الأختامِ
وقِّع بخطِك لا فرارَ فإنَّما
زيفُ الحياةِ انهارَ كالأوهامِ
يومانِ في العمرِ القصير تَميَّزا
عن كلِ ما في زحمَةِ الأعوامِ
حفلٌ بمولدِك السعيدِ تَيَمُّناً
وكأنما الدنيا بدارِ مُقامِ
وجنازةٌ لا بدَّ آتيةٌ فلا
تعقيبَ حكمٌ نافذٌ بتمامِ
الغُسْلُ والتكفينُ ذاك وداعُنا
ثم الترابُ بحفرةٍ وظلامِ
قل للطُّغاةِ بأن ذاك مصيرُكم
لا بد آتيكم بغير مُحامِي
وستنزلون بحفرةٍ هى دارُكُم
تُسْقَون فيها من حميمٍ حامي
ضاعت أمانيكم سُدَىً بشقائِكم
لا مرحباً بأكابرِ الإجرامِ
بالموتِ أسرارٌ تموتُ ومثلُها
تحيا فتكشفُ غيمةَ الإبهامِ
عرشٌ يزولُ وينتهي متوارياً
أضحَى بيومٍ مثلَ كومِ حطامِ
عرشٌ يقومُ ويعتلِي في غفلةٍ
وكأنَّهُ ظلٌّ بَدَى كغمامِ
الموتُ معجزةٌ بكلِ قياسِنا
شرٌ وخيرٌ أيٌّما إِحكامِ
قَدَرٌ طوَى في ثوبهِ أنباءَهُ
ضاقت بنا عُسراً على الأفهامِ
سمٌّ حوَى في كأسِهِ تِرياقَهُ
يقضي على الأوجاعِ والأسقامِ
لولا الفراقُ وغربةٌ بقبورٍنا
لَرَأَيتُنا نسعَى إلى الإعدامِ
.....
إبراهيم بديوي
0 التعليقات:
إرسال تعليق