الأحد، 17 يناير 2021

بسيستان قصة قصيرة بقلم الأديب / رزق فهمي أبو عويس

      صورة من الحدث  

في المقعد الأخير من الصف الأوسط؛ حيث اتخذت قمطري كنت أرسل يدي خفية إلى سيالة الجلابية؛ أكبش وأكبب ثم أدفع بما كببته من البسيسة المكونة من البتاو المطحون والجبن القديم إلى فمي خلسة، وأنا أردد معهم كورس أنا الفلاح في الحقل.

 لاحظني المعلم في عبقرية فريدة، أجمع بين المضغ وترديد النشيد في سلاسة عجيبة... فسألني:

- يا ولد انت بتاكل، ولا بتنشد ؟

    لم أكذب؛ لعلمي أن الكذب يهوي بصاحبه الى النار، فقلت:

-  الإثنين معا .

    لم يزجرني على فعلتي فقط سألني:

-  طب بتاكل إيه ؟

 كان عبق الجبنة القديمة يعم في جنبات الفصل، فأجبته:

- بسيسة... فعلق الولد الناعم ذو الشعر الطويل الفاحم القادم بعد التهجير ليستوطن مع أسرته احدى شقق المساكن الشعبية موضحا ما ظنه خفيا:

- بس مش بسيستنا يا أستاذ 

كانت اول مرة يتضح لي ان ثمت بسيستان في الدنيا، واطربني انحياز المعلم لبسيستي حين اسمعته النشيد غيبا عن ظهر قلب، وفشل الولد الآخر عن تسميعه تماما.

 ومع كل طرقعة خيرزانة من المعلم على كفيه المنبسطتين الناعمتين كان المعلم يسأله:

-  بسيستهم ولا بسيستكم ،  وبقية أقراني يكركرون.

......

رزق فهمي أبو عويس

0 التعليقات:

إرسال تعليق