الأربعاء، 2 يونيو 2021

الشجرة ..قصة قصيرة..بقلم الأديب / طه سنجر

 


   
                      

على بعد أمتار قليلة ، من شجرة التوت العتيقة ، شمّر الرجل الخمسيني عن ساعديه وبدأ يحفر حفرة كبيرة  ، ليغرس فيها شجرته ، 

نصحه بعض من أهله :

- ماجدوى أن تزرع توتة أخرى ؟

مادامت الأولي تثمر ، وتظلل حواليها فدان !

وكل أهالي القرية ماذاقوا  توتا ..أشهى من ثمرتها ، توتها الأبيض عسلا مصفى ،  والأسود ، شهدا بشمعه ، 

حتى أطفال القرية ، اتخذوا من أغصانها  مطايا  في الأعياد فما ملت ضجيجا ، وكم تركوا  جراحا وخدوشا على وجهها فما اشتكت .

والأخرى قد لا تثمر ، وقد تضن بأوراقها.. حتى على من يربى دود القز !

وقد تستفحل وتسد مجري الماء ، واحدة تكفي على رأس الفحل !

لم يسمع ، كانت فأسه تضرب وجه الأرض -  بعز مافيه – وبعد صلاة العصر ، كانت شجرته الجديدة ، تقف على بعد أمتارقليلة من شجرة التوت العتيقة ، ممشوقة ا لقوام  ، وبضع وريقات  خضر لينات تداعب  رأسها المكشوف !

مرت عدة شهور، وصاحبنا لاهم له الا شجرته الجديدة ، تعهدها بالسقيا  ، و تحت جذورها كان ينثر  السماد، كان يمني النفس  بطعم آخر للتوت ، من أحضرها اليه قال : 

- انها تثمر توتا أحمر ، ماذاق أهالى القرية مثله من قبل 

كان يسقيها  يوميا ، ثم كل يومين ثم ثلاث مرات في الأسبوع ، وينثر السماد تحت جذورها في الشهر مرتين هذه تعليمات  غرس الأشجار !

 ، والشجرة العتيقة ، على بعد  أمتار، تنظر في هدوء 

علّه  يجىء..ببعض قطر ماء أو حفنة من سماد ، أو حتى يربط الحمار في أحد الفروع ، علّها عليه قد تفىء ، 

علّه يجىء ، يتناول الغداء ، أو يوقد  النيران في فروعها   ليطهى كوب شاي  ثم يغفو لحظتين ، أو يطلق الغناء في آخر الحقول ،   و لمّا لم  يجىء ، 

في آخر النهار ، وعندما كان يهم بالرجوع ،  لفت انتباهه أن شجرة التوت العتيقة قد بدت ذابلة ، شاحبة ، و ألقت بكل أوراقها عالأرض - مع انها في فصل الربيع- 

خيل اليه أنه قد سمع  نحيبا وبكاء ، وخيل اليه أن الشجرة  العتيقة بكل أغصانها وفروعها  تئن وتميل ناحيته لتأخذه  بالأحضان ، وقبل أن تصل اليه ،  تعثر وقع على الأرض مذعورا ، هاله ، أن الشجرة اعتدلت ثانية ، ومالت ناحية  الشجرة الأخرى واستطالت ، ما ان لمستها ، احتضنتها ، سمع  - فرقعة  - قوية

أفاق ، كامرأتين تتزاحمان على رجل واحد، كانت الشجرتان هما والأرض سواء .

......

طه سنجر 








0 التعليقات:

إرسال تعليق