مزويا فى الركن المظلم من الجحر الضيق مع الأقران، تطلع بعينين حذرتين وجلتين إلى وجه القادم عبر الأسلاك الحاجزه. وضع القادم أثقاله الخضراء على الأرض النظيفه بعض الشيئ، تبعته عشرات الأعين تحت جنح الظلام، صرخ القادم فى الجميع يلعن شهيتهم المفتوحة وإنتاجهم القليل... تخطى فحلا حاجز الخوف.. تبعته بعض الإناث وراحوا في تسابق و نهم يلتهمون كومه القادم غير مبالين، نهرهم فلم ينتهوا، تفصحصهم بعينيه الصغيرين ثم راح يمسح عرق الوجه الكبير المستدير ويمسح به صلعته الحمراء. راح يسأل عن الصغار فلم يرتد إليه سوى صرير الأسنان القاطعه فى سرعه وتسابق، دلف إلى الداخل محشورا عبر فتحه الأسلاك الضيقه يعد القطيع، تلاقت عينا المقتحم بعينا القابع في الظلام، أرتدت نظرات الصغير في خوف وخزي إلى الأرض، أرتعدت منه الفرائض... تذكر كيف أخذ القادم أمه ذات صباح وكيف ذهب بالأخوان الصرعى بعد الظهر ثم عاد بزجاجه حليب وحلمه مستعاره يطعمه مرغما عند المساء وفي أوقات منتظمة كل الأيام التالية، رغم الحزن كان يشرب مضطرا، وماحيلته وذلك الضخم ذي الرائحة النفاذه يلتقطه ويرفعه عن الأرض بأصابع إحدى اليدين من فروه الظهر ويضع باليد الأخرى في فمه زجاجة الحليب، يعرف رائحته و طعامه وأدرك بغريزته أنه يعده ليوم ما! حتما سيأخذه كما أخذ كل الذكور الشابه وكما أخذ الأم لكن إلى أين؟! وجه ممتلئ غبي يطل عليه كل يوم وفحلا بالغا يدوسه كلما رآه... عالم محدود لا يطاق.. أين المفر وكل المنافذ مغلقه بالاسلاك... ظل القادم يتفحص القطيع الذي تعود رائحته في المكان بل وتناسى وجوده في حضرة الطعام إلا الصغير لم يبرح مكانه ناظرا من طرف عين منتظرا النتيجة! مد القادم إحدى يديه في سرعه ومهاره وألتقط الفحل من الأذنين، حاول مقاومته بالمخلب ليثبت للكل أنه سيد هذا المكان مصدرا صوتا دون جدوى فالقادم يعرف كيف يأخذ ما يريد وقتما يشاء، توارت الإناث و كل من بالمكان فى كل الزوايا و الأركان إلا الصغير.. خرج القادم بالفحل وأغلق خلفه فتحه الباب، تتبعه الصغير حتى حدود الحاجز ووقف خلفه يرقب ما يدور، أستل القادم سكينا وأتى على الفحل بجزه واحده أطلق معها صرخه مدوية هزت جنبات الجحر وكل الحظائر المجاورة، ساعتها عرف الصغير لماذا يأتي القادم كل صباح بالطعام ولماذا ينعي عليهم أنتاجهم القليل، أقبل قبل جميع المختفين في الجنبات على الطعام يلتهمه بلذه و نهم مبتسما فقد عرف مقدما مصير كل القطيع، لكن عزاؤه الوحيد أنه وبحكم السن سيكون الأخير....
..........
عزالدين طوخي علام.
0 التعليقات:
إرسال تعليق